غطت العديد من الصحف المطبوعة صفحاتها الأولى باللون الأسود، في حين أطلقت وسائل إعلام إلكترونية لافتات تضامنية، وعرضت قنوات تلفزيونية مقاطع مرئية، وبثّت إذاعات رسائل صوتية، ضمن حملة دولية نظمتها مؤسستا "مراسلون بلا حدود" و"أفاز" (Avaaz) لدعم الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة وإدانة الجرائم الإسرائيلية بحقهم.
الحملة أطلقت تحذيرًا عاجلًا جاء فيه: "بهذا المعدل لقتل الصحفيين على يد الجيش الإسرائيلي، لن يتبقى قريبًا أحد لتغطية أخبار غزة وإبلاغ العالم بما يجري"، وانضمت إليها 257 وسيلة إعلامية من أكثر من 50 دولة.
ودعت المنظمتان إلى حماية الصحفيين الفلسطينيين وإجلائهم بشكل عاجل إذا رغبوا في مغادرة القطاع، ووقف الإفلات من العقاب الذي تنعم به إسرائيل على ارتكابها جرائم ضد الصحافة، مع ضمان حرية الوصول للصحفيين الدوليين إلى غزة.

كما طالبت الحملة المجتمع الدولي بتحرك عاجل بالتزامن مع افتتاح الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوات فورية لإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين.
وأحصى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس الأحد عدد الصحفيين الفلسطينيين الشهداء منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، ليصل إلى 247 صحفيًا، بينهم 14 قتلوا في 15 يومًا فقط خلال شهر أغسطس/آب، وذلك جراء استهداف خيمة قناة الجزيرة ومجمع ناصر الطبي في خان يونس.
وشاركت العديد من الصحف العالمية في الحملة، مثل صحيفة الغارديان البريطانية، التي خصصت افتتاحيتها للحديث عن مقتلة الصحفيين، مؤكدة أن إسرائيل تسعى لمنع العالم من رؤية ما يحدث في غزة، وأن الحرب الحالية تعد الأكثر فتكًا بالإعلام في التاريخ الحديث.
كما نشرت أسماء الصحفيين الشهداء لتذكير العالم بتضحياتهم، بعد أن عملوا في ظروف قاسية من الجوع والإرهاق لنقل الحقائق.

وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن القطاع أصبح خطيرًا على الجميع وليس الصحفيين فقط، ما يبرر منح الصحافة الدولية حق الوصول الفوري وغير المقيد لتغطية الوضع.
شارك في الحملة، التي انطلقت يوم الاثنين، أكثر من 250 وسيلة إعلامية من نحو 70 دولة، وشملت صحفًا مثل "لومانيتيه" الفرنسية و"بوبليكو" البرتغالية، إضافة إلى مواقع إلكترونية مثل ميديابارت ولا كروا، وأمست جزءًا من حملة أوسع للتنديد بقتل الصحفيين الفلسطينيين، بعد الضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة عشرين شخصًا بينهم خمسة صحفيين في مستشفى ناصر.
وأكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" أنها رفعت أربع شكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد الجيش الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الصحفيين في غزة على مدار الاثنين وعشرين شهرًا الماضية، مطالبة بالسماح للصحافة الدولية بالعمل بحرية دون رقابة عسكرية صارمة أو قيود تفرضها إسرائيل.
عربيًا، قالت قناة الجزيرة القطرية إن مئات المؤسسات الإعلامية حول العالم اتخذت اليوم موقفًا موحدًا لدعم زملائهم الصحفيين في قطاع غزة، مؤكدة أن الصحافة ليست جريمة وأن نقل الحقيقة مسؤولية كبرى يجب الوقوف معها دون تردد.
وأوضحت القناة أن الرسالة الموجهة للعالم واضحة: إسرائيل تقتل الصحفيين في غزة، وعلى المجتمع الدولي أن يرفع صوته ضد هذه الجرائم ويضمن حماية من يبذل حياته لإيصال الحقيقة.
وأكدت الجزيرة أن موقفها المرحب بالحملة العالمية ينبع من إيمانها المطلق بأن الظلم يجب أن يُحاسب، وأن استمرار إسرائيل في استهداف الصحفيين وإخفاء جرائمها يكشف عن نية واضحة لطمس الحقيقة.
وأشارت إلى أن القناة، رغم محاولات الاحتلال الحد من تغطيتها، تواصل بث تقاريرها الحية لتوثيق الإبادة الجماعية والمجاعة المستمرة منذ 23 شهرًا، وسط منع سلطات الاحتلال وصول وسائل الإعلام الدولية لتغطية الأحداث على الأرض.
وختمت الجزيرة بالقول إن التضامن الإعلامي العالمي مع الصحفيين الفلسطينيين يشكل رسالة صريحة بأن العالم لن يغفل عن الانتهاكات، وأن الدعم المستمر للصحفيين هو التزام أخلاقي ومهني لمواجهة محاولات إسكات الحقيقة في غزة.


